responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 142
وَقَالُوا أَيْضًا: «انْتَهَزَ الْفُرْصَةَ» ، وَالْفُرْصَةُ نَوْبَةُ الشُّرْبِ، وَقَالُوا: صدر ألوم عَنْ رَأْيِ فُلَانٍ وَوَرَدُوا عَلَى رَأْيِهِ.
وَقَوْلُهُ: مِنْهُمْ وَصْفٌ لِلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ، وَهُمْ خَاصَّةُ أُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَيْ يَرُدُّونَهُ إِلَى جَمَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ فَيَفْهَمُهُ الْفَاهِمُونَ مِنْ أُولِي الْأَمْرِ، وَإِذَا فَهِمَهُ جَمِيعُهُمْ فَأَجْدَرُ.
وَقَوْلُهُ: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ امْتِنَانٌ بِإِرْشَادِهِمْ إِلَى أَنْوَاعِ الْمَصَالِحِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الْمَكَائِدِ وَمِنْ حَبَائِلِ الشَّيْطَانِ وَأَنْصَارِهِ.
وَاسْتِثْنَاءُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْ عُمُومِ الْأَحْوَالِ الْمُؤَذّن بهَا لَاتَّبَعْتُمُ، أَيْ إِلَّا فِي أَحْوَالٍ قَلِيلَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ مَا يَشْمَلُ الْبَعْثَةَ فَمَا بَعْدَهَا، فَالْمُرَادُ بِالْقَلِيلِ الْأَحْوَالُ الَّتِي تَنْسَاقُ إِلَيْهَا النُّفُوسُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِالْوَازِعِ الْعَقْلِيِّ أَوِ الْعَادِيِّ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ النَّصَائِحُ وَالْإِرْشَادُ فَالْمُرَادُ بِالْقَلِيلِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ. وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَهُ اسْتِثْنَاءً من ضمير لَاتَّبَعْتُمُ أَيْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ، فَالْمُرَادُ مِنَ الِاتِّبَاعِ اتِّبَاعُ مِثْلِ هَذِهِ الْمَكَائِدِ الَّتِي لَا تَرُوجُ عَلَى أَهْلِ الرَّأْيِ من الْمُؤمنِينَ.
[84]

[سُورَة النِّسَاء (4) : آيَة 84]
فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً (84)
تَفْرِيعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ، وَمِنْ وَصْفِ الْمُثَبِّطِينَ عَنْهُ، وَالْمُتَذَمِّرِينَ مِنْهُ، وَالَّذِينَ يَفْتِنُونَ الْمُؤْمِنِينَ فِي شَأْنِهِ، لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ قَدْ أَفَادَ الِاهْتِمَامَ بِأَمْرِ الْقِتَالِ، وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهِ، فَتَهَيَّأَ الْكَلَامُ لِتَفْرِيعِ الْأَمْرِ بِهِ. وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْفَاءَ فَصِيحَةً بَعْدَ تِلْكَ الْجُمَلِ الْكَثِيرَةِ، أَيْ: إِذَا كَانَ كَمَا عَلِمْتَ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهَذَا عَوْدٌ إِلَى مَا مَضَى مِنَ التَّحْرِيضِ عَلَى الْجِهَادِ، وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ. فَالْآيَةُ أَوْجَبَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست